:الرحيم:
الحب في الله والبغض في الله
هذه العبادة في ظل عرش الرحمن يوم لا ظل الا ظله
فهى عبادة عظيمة وأجر وافر يغفل عنه كثير من الناس مع أن الحاجة ماسة إلى تلك العبادة في كل حين ، وفي الآونة الأخيرة أشد
فما هي تلك العبادة ؟ ، وما فضلها ، وشروطها ، وواجباتها
عبادة الحب في الله وما ورد عن الله ورسوله فيها
إن الحب من أسمى وأرقى العواطف الإنسانية، فإذا توجهت هذه العاطفة النبيلة لله تعالى، وكانت هي محور العلاقات بين المسلمين، ذللت كثيراً من الصعاب، وأثمرت كثيراًمن الثمار الطيبة في حياة الأمة، ولقد جاءت أدلة عديدة تؤكد هذا المعنى الكريم،وتبين المكانة الرفيعة لمن أنعم الله به عليه، منها:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله
سلم قال:
"إن من عباد الله لأناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء, يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم في الله"
قالوا: يا رسول الله, تخبرنا من هم؟
قال: "هم قوم تحابوا بروح الله, على غير أرحام بينهم, ولاأموال يتعاطونها, فوالله إن وجوههم لنور, وإنهم على نور, لا يخافون إذا خاف الناس,ولا يحزنون إذا حزن الناس. وقرأ هذه الآية: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون"
رواه أبو داود
وفي رواية مسلم
وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله ذكر منهم:
"ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه, وتفرقا عليه"
أخرجه البخاري ومسلم
فضل عبادة الحب في الله
المحبة لها علاقة بالإيمان :
في الصحيحين من حديث البراء أن النبي
سلم قال في الأنصار :
لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق
بل إن بها حلاوة الإيمان :
في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله
سلم قال : ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان :
أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار
وبها يستكمل الإيمان :
تجلب محبة الله :
في موطأ مالك بإسناد صحيح عن أبي إدريس الخولاني قال دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا ( أي أبيض الثغر كثير الت
) وإذا الناس معه فإذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه وصدروا عن رأيه فسألت عنه فقيل هذا معاذ بن جبل رضي الله عنه ، فلما كان من الغد هجرت فوجدته قد سبقني بالتهجير ووجدته يصلي فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه ثم قلت :
والله إني لأحبك في الله فقال آالله ؟ فقلت الله ، فقال آلله ؟ فقلت الله
فأخذني بحبوة ردائي فجبذني إليه ، فقال أبشر فإني سمعت رسول الله
سلم يقول :
قال الله تعالى : وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتباذلين في .
روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرسل الله له على مدرجته ملكا ً ..... فقال إن الله قد أحبك كما أحببته فيه
تجلب محبة الرسول
سلم:
جلس النبي
سلم مع أصحابه فقال وددت لو لأني رأيت أحبابي قالوا يا رسول الله ألسنا أحبابك قال أنتم أصحابي أحبابي يأتون بعدي آمنوا ولم يروني .
تخيل .. بل تأمل .. النبي
سلم يحبك أنت ويشتاق لك
هي طريق إلى الجنة :
روى مسلم من حديث أبي هريرة والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم .
هذا غيض من فيض في الدنيا ، فإذا حقت الحاقة ووقعت الواقعة وزلزلت الأرض زلزالها ودنت الشمس من الرؤوس فحدث و لا حرج عن الكرامات لهؤلاء المتحابين بجلال الله .
يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ، وتأمل في هذا الرابط الوثيق بين كون المحبة لله وكون الظل في ظل عرش الله .
قال
سلام: "إن الله تعالى يقول يوم القيامة:
أين المتحابون بجلالي؟
اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي".
رواه مسلم
للمحبة في الله شروط منها :
1 ـ أن تكون لله ، فكل عمل لغير الله لا يقبله الله ، ومعنى كونها لله أنها لا تتأثر ببياض أو سواد أو حزب أو جماعة أو بلد أو عرق بل هي لله وحده لا شريك له .
2 ـ أن تكون على الطاعة ، فالحب في الله طاعة لله
فهل تستغل طاعة الله لشيء محرم ؟ ! .
3- أن تشتمل على التناصح ، فالمؤمن ناصح للمؤمنين أجمعين ، والنبي
سلم يقول كما في صحيح مسلم من حديث أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه : الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة .
وللمحبة في الله واجبات منها :
1 ـ إخبار من يحب .
فعن المقداد بن معدِيكرب رضي الله عنه عن النبي
سلم قال : إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه .
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن .
2 ـ الهدية لم يصح حديث عنه 3 ـ
3_ أن تحب له ما تحب لنفسك .
لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي
سلم قال : لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .
4 ـ إفشاء السلام .
في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله
سلم قال : لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم .
5 ـ البذل والتزاور .
والمقصود البذل بمعناه الواسع بذل من الوقت والجهد والعلم والمال .
إن أخاك الحق من كان معـك * * * ومن يضـر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صـدعك * * * شتت فيك شمله ليجمعك
6- الشوق اليه
روى الطبراني في الأوسط من حديث عائشة قالت :
جاء رجل إلى النبي
سلم فقال يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي وإنك لأحب إلي من ولدي وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين وإني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك ، فلم يرد عليه النبي
سلم فأنزل الله ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم ... "
وأختم بهذه الأبيات الرائعة للإمام الشافعي رحمه الله :
إذا المـــــرء لا يرعـاك إلا تكـــلفــا فدعه ولا تكثر عليه التأسفــــــا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة وفي القلب صبر للحبيب ولو جفـا
فمــــا كــل من تهـواه يهواك قلبـه ولا كل من صافيته لك قد صــفــا
إذا لــــــم يكـن صـفــــو الــــود طبيـــعـة فلا خيـر في ود يجيء تـلفـا
ولا خيــــــر في خِــل ٍ يخــــون خليـله ويلقـاه من بعـد المودة بالجـفـا
وينـكر عيـشا ً قد تقـادم عهـده ويظهـر سرا ً كان بالأمس قد خفـــــــا
سلام ٌ على الدنيا إذا لم يكـن بها صديق ٌصدوق ٌصادق الوعد منصفا
اللهم أظلنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك .
في الصحيحين من حديث أنس أن النبي قال : المرء مع من أحب .
اللهم إنا نحب نبيك والصالحين أجمعين فاحشرنا معهم بمنك وكرمك .
تحياتي