الجُمْلَةُلها عدة تعريفات، يأخذ بعضها بمعيارالمعنى، وبعضهاالآخر يأخذ المبنى في الحسبان. فالجملة في عموم معناها، وفقًا للاتجاه الأول،تعبيرٌ، أو كلامٌ يفيد معنىً، يَحْسُنُ السكوت عليه، نحو
ٌ كريم. وهذاهو الاتجاه التقليدي، الذي مازال يسير على نهجه بعض المعاصرين، وهو أيضًا ما رُوِيَعن النحاة العرب، كما يظهر في قول ابن مالك في ألفيته: ¸كلامُنا لفظٌ مفيدٌكاستقم·. فليس من الجملة إذن نحو قولناإنما زيدٌلعدم الإفادة.
والاتجاه الآخر الآخذ بمعيار المبنى، وهو اتجاه حديث نسبيًا، يحدد الجملة بأنهاسلسلة مستقلة من الكلمات، محدودة بسكتتين، ويشار إلى السكتة الأخيرة في الكتابةبنقطة (.) واستقلال الجملة، يعني أنها بناءٌ له كيانه غير المتضمن في بناء نحوي آخرأكبر منه.
والجملة في الاتجاهين كليهما تخضع لنظام خاص تحدده قواعد اللغة موضع الدرس. وهذاالنظام يقيم علاقات خاصة بين الكلمات أو المكونات، تُعيِّن لكل منها موقعها الخاصبها، وهذا الموقع يقتضي علامة معينة تشير إليه وتؤكده. وإذا اضطرب هذا النظام،انتفى وجود الجملة. فقولنا: جاء زيدٌ كي يستريحجملةٌ، لأنها جاءت وفق نظامالعربية، في حين أنكي زيد يستريح جاءليست جملة لأنها لم تتبع النظامالنحوي العربي، وذلك على الرغم من أن المكونات في الحالين واحدة.
وأقل ما تتألف منه الجملة في الغالب اسمان، نحوهذا بَطَلٌأو فعلٌ واسممثل: حضر المعلمأوالمعلم حضر. وقد تأتي الجملة أحيانًا في سياقاتمعينة، في صورة كلمة واحدة، كما في قولنا مثلاً: نعم. إجابة عن السؤالأفهمت؟. وفي هذه الحالة وأمثالها، تُقَدر المكونات المحذوفة في رأيبعضهم.
وينص النظام النحوي العربي على أن الجملة تتكون من رُكنين أساسيين، هماالمسند إليهأو المُخْبَر أو المتحدث عنه، والمسندأوالخبرأوالمُخْبَر به. ففي مثل قولنا
ٌ حاضرٌأوحضر
ٌ،
: هو المتحدث عنه، فهوالمسند إليه، وحاضر أو حضر هو المُخْبَر به، فهوالمسند.
تصنيف الجملة
للجملة في العربية عدة تصنيفات وفقًا لنوعية مكوناتها من الكلم، ووفقًا لبنيتهاأو تركيبها النحوي. ففي المفهوم الأول، تُصنف الجملة العربية إلى نوعين رئيسيينهما:
الجملة الاسمية. وهي التي تبدأ باسم يُخبر عنه، وتتكون منمبتدأ وخبر، مثل: الدينُ المعاملة. والأصل أن يتقدم المبتدأ ويتأخرالخبر، ولكن، قد يحدث أن يتقدم الخبر. وهذا التقديم قد يكون جائزًا، أو واجبًا، كماقد يكون ممتنعًا، وذلك في حالاتٍ خاصة. وهي مُفصَّلة كلها في كتبالنحو.
نواسخ المبتدأ والخبر
النسخ في اللغة: التغيير والإزالة، وفي الاصطلاح النحوي: تغيير حكم المبتدأوالخبر. والنواسخ: أفعال وحروف تدخل على جملة المبتدأ والخبر فتزيل الحكمالموجود فيها. وهي ثلاثة أنواع: 1- نواسخ ترفع المبتدأ وتنصب الخبر، وهيكانوأخواتهاوكاد وأخواتها. 2- نواسخ تنصب المبتدأ وترفع الخبر، وهيإنوأخواتها. 3- نواسخ تنصب المبتدأ والخبر كليهما، وهي ظن وأخواتها.
كان وأخواتها. أفعالناسخة ناقصة، وإنما سميتناقصة لأن الفعل لا يكتفي بالاسم المرفوع بعده، بل يبقى المعنى ناقصًا محتاجًا إلىخبر. وهي ثلاثة عشر فعلاً (كان ـ أصبح ـ أضحى ـ ظل ـ أمسى ـ بات ـ صار ـ مازال ـمابرح ـ ما انفك ـ ما فتئ ـ ما دام ـ ليس) وهذه الأفعال الثلاثة عشر ترفع المبتدأويصبحاسمًالها، وتنصب خبر المبتدأ ويصبح خبرًا لها، نحو : بات الشُّرطيُّساهرًا. فالشرطياسمباتمرفوع وساهرًاخبرها، منصوب. والأفعال السبعة الأولى من أخوات كان تتصرف تصريفًا مطلقًا، فيأتي منها الماضيوالمضارع والأمر والمصدر واسم الفاعل، وما إليه، مثل : (كان ـ يكون ـ كن ـ كون ـكائن). والأفعال الأربعة التي تتلوها والمسبوقة بـ (ما) تتصرف تصريفًا ناقصًا فتأتيفي صورتي الماضي والمضارع فقط، عدا (مادام) فإنها جامدة، يضاف إليها الفعل الأخير (ليس)، فهذان الأخيران لا يأتيان إلا في صورة الماضي فقط.
تعمل أخوات (كان) في جميع صورها نحو : كانالأمر سهلاً،يكونمقتلالرجل بين فكيه، كن صبورًا، سرنيكونكمجتهدًا.
ويغلب على أخوات كان أن تأتيناقصة، نحو: أَمْسَى الطريق ُمُوحِشًا. وقدتأتيتامة، أي: لا تحتاج إلى خبر، نحو: تأخرتُ في الطريقِ حتّىأمْسَيْتُ.
ولكان وأخواتها أحكام وتفاصيل مكانها كتبالنحو.
انظر أيضًا: الفعل.
كاد وأخواتها. تسمى أيضًاأفعال المقاربة، مجازًا،وإنما هي ثلاثة أقسام: أفعال المقاربة، وأفعال الشروع، وأفعالالرجاء.
أفعال المقاربة. هي : كاد، وكرَبَ، وأوشك. وتفيد مقاربة الاسم للخبر، نحو : كاداللّيلُ ينقضي.
أفعال الشروع،وهي كثيرة، منها : أنشأ، وأخذ، وجعل، وطَفِقَ، وقام،وهَبَّ وغيرها. وتفيد شروع الاسم في القيام بالخبر، نحو : جعلَالمطرُينهمرُ.
أفعال الرجاء. هي: عسى، وحَرَى، واخلولق. وتفيد رجاء المتكلم تحققالخبر، نحو: عسىالبارقة تمطر.
وجميع أخوات كاد جامدة تلتزم صيغة الماضي، إلاكادَوأوشكفإنهمافعلان متصرفان يجيئان على صيغة الماضي والمضارع واسم الفاعل.
كاد وأخواتها أفعالناسخة ناقصةتعمل عمل كان وأخواتها فترفع المبتدأوتنصب الخبر، نحو: أخذتْ الريحُ تَشْتَدُّ. وكان من الممكن تصنيفها ضمن أخوات (كان) لولا أن خبر (كاد وأخواتها) لابد أن تجتمع فيه أمور، منها: أن يكون جملة فعليةفعلها مضارع، نحو : كادَ المطرُ يَنْزِلُ. وأن يرفع الخبر ضميرًا يعود على اسمها،نحو: كاد البيتُ يسقطُ. (ويمكن توسّط الخبر في مثل: كاد يسقط البيت).
ويجوز أن يقترن خبر بعض أخوات (كاد) بـ (أَنْ) نحو: كادالفقر أن يكونكفرًا. ويجوز تجرد الخبر من (أنْ) نحو : كادقلبي يطير. وتجرد الخبر من (أَنْ) أكثر، وقد ورد الاستخدامان في القرآن، فمن الأول قول الله تعالى : ﴿عَسَى ربُّكمْ أنْ يَرْحَمَكمْ﴾ الإسراء: 8 . ومن الثانيقوله تعالى: ﴿فَذَبحُوهَا وما كادُوا يَفْعلون﴾ البقرة : 71 .
إن وأخواتها. هي ستة أحرف ناسخة تدخل على جملة المبتدأوالخبر، فتنصب المبتدأ ويصبح اسمًا لها، وترفع خبر المبتدأ ويصبح خبرًا لها. والأحرف الستة هي : 1-2- إنَّوأَنَّويفيدانالتوكيد، نحو: إني صائم. علمت أنَّك مسافر. 3- كأنّتفيدالتشبيه، نحو: كأن الوجهقمرٌ. 4- لكنّ: تفيدالاستدراكوهو التعقيب على كلام سابق، نحو: أخوكصغير لكن عقله كبير. 5- ليت: وتفيدالتمنيوهو طلب الأمر المستحيل أوالمتعذّر، نحو: ليتَ السَّلامَ يعمّ الأرض. 6- لعل: وتفيدالتوقع،فإن كان المتوقع أمرًا محبوبًا سمّيرجاءًأوترجِّيًا، نحو: لعلّالله يرحمنا. وإن كان المتوقع مكروهًا سمّيإشفاقًا، نحو: لعلّالعدوبيننا.
وقد يخفف تضعيف النون في (إنْ، أَنْ، كأَنْ، لَكِنْ) فتعمل هذه الحروف بعد ذلكعملها نفسه، وقد تهمل.
تدخل (ما) الزائدة على إن وأخواتها فتكفها عن العمل، وتجعلها صالحة للدخول علىالجملة الاسمية والفعلية، نحو: إنما المؤمنون إخوة. ما عدا ليت، فإنها إذا دخلتعليها (ما) جاز إعمالها، نحو: ليتما المجتمعين متفقون، أو إهمالها، نحو: ليتماالمجتمعون متفقون.
تفتح همزة إِنَّ وتكسر، وأشهر مواضع كسرها أن تقع فيأول الكلامنحو: { إنّا فتْحَنا لَكَ فَتْحًا مُبِينا} الفتح :1. أو أن تقعبعد القول، نحو: قلتُ : إِنِّي مسافر. وتكسر أيضًا إذا وقعت بعدحيث وإذ. وقد تفتح وتكسر فيغير هذه المواضع.
ظَنَّ وأخواتها. أفعال ناسخة تنصب مفعولين أصلهما المبتدأوالخبر. وهي قسمان : أفعال القلوب، وأفعال التَّصيْيروالتحويل. أفعال القلوب.ويقصد بها الأفعال التي تدل على معنى يعودإلى قلب الإنسان مثل (العلم والظن). وهي صنفان : أفعال يقينوأفعالرجحان.
أفعال اليقين. هي الأفعال التي تفيد التحقق من نسبة الخبر للاسم، وأهمها : رأى ـ علم ـ وَجَدَ ـ دَرَى ـ ألفَى ـ تعلّم، نحو: علمت الله موجودًا.
أفعال الرجحان. هي التي تفيد التردد بين نسبة الخبر للاسم وعدم نسبته له،كالظن والزعم. وأهم أفعال هذا القسم: ظنَّ ـ حَسِب ـ خال ـ زعم ـ عدّ، وغيرها، نحو: زَعَمَ الجاحِدون القَرآنَ كلامَ البشرِ.
أفعال التصيير والتحويل. يقصد بها الأفعال التي تفيد تحول معنى الاسم إلىمعنى الخبر؛ وهي سبعة أفعال: صيّر ـ جعل ـ اتّخذ ـ تَخِذَ ـ ردّ ـ تركَ ـ وهبَ؛نحو: صَيَّر النجارُ الخشبَ كرسيّاً.
وجميع أفعال هذا البابتنصب مفعولينأصلهما المبتدأ والخبر، إلا إذا لمتكن قلبية أو للتحويل. فإن لم تكن كذلك، نصبت مفعولاً واحدًا نحو: علمتُ بما حدث. وبعض أفعال هذا البابينصب ثلاثة مفاعيل.
أفعال تنصب ثلاثة مفاعيل. الفعلانرأى، وعلمينصبان مفعولين كسائرأفعال هذا الباب، فإذا دخلت عليهما همزة التَّعْدِية زاد كل منهما مفعولاً ثالثًافصار المنصوب بعدهما ثلاثة مفاعيل؛ مثل : أعلمت الأُميَّ القراءةَ مفيدةً. وأريتُالجاحِدَ اللهَ حقّاً. وتدخل معها أفعال أخرى تتضمن معنى أرى وأعلم، هي : أَنْبَأَ،ونبّأ، وأخْبَر، وخبَّر، وحدَّث.
الجملة الفعلية. وقد جرى التقليد الشائع على تعريفها،بأنها تلك التي تبدأ بفعل، سواءٌ أكان هذا الفعل ماضيًا أم مضارعًا أم أمرًا. أَقْبَلَ الصيفُـيسقط المطرُ شتاءًـقُل الحقَّ. وفي نظربعض المعاصرين أن الجملة الفعلية هي ما انتظمت فعلاً في بنائها، أياًّ كان موقع هذاالفعل وهو رأي له وجاهته ويمكن الاعتداد به.
وتتكون الجملة الفعلية من ركنين أساسيين، هما: الفعلوالفاعلأونائب الفاعل.
وقد تُوسَّع الجملة الفعليةبالمُكمِّلات كالمفعول به، والمفعول المطلق،والمفعول لأجله.
وأشهر المُكملات: المفعول به، وقد يكون واحدًا، أو اثنين، أو ثلاثة، نحو:
قرأ الطالبُ الدرسَ
علم
ٌ الصدقَ منَجاةً
أَعْلمتُ
ًا الصدقَ منجاةً.
والأصل في المفعول به أن يكون بعد الفعل والفاعل، لكن قد يتقدم على أحدهماأو كليهما، وهذا التقديم قد يكون جائزًا أو واجبًا أو ممتنعًا، وفي كتبالنحوتفصيل هذهالحالات.
وقد يُبنى الفعلللمجهول، وفي هذه الحالة يُحذف الفاعل، ويحلُّ المفعولبه مكانه نحو: قُرئ الدرس في قرأ الطالب الدرس. أما إذا تعدَّدَ المفعول به،فإنالمفعول الأولهو الذي يحلُّ محل الفاعل، نحو:
كُسِي الفقيرُ ثوبًافيكسا الغني الفقير ثوبًا.
وتُصنَّف الجملة بحسب بنيتها أو شكلها النحوي تصنيفًا آخر، يقع في ثلاثةأنواع:
الجملة البسيطة. وهي الجملة التي تتضمن مسندًا إليهواحدًا ومسندًا واحدًا، مثل:
ٌ حاضرٌأوحضر
ٌ. وهذا يصدُقأيضًا إن كان المسند إليه أو المسند مركبًا، نحو: العنب والتفاح فاكهتان. المسندإليه مركَّب.
الجملة المركَّبة. وهي الجملة التي تتضمن جملتين بسيطتينأو أكثر، يتمُّ وصلهما أو وصلها بأداة ربط، مثل: واو العطف، وفاء العطف، ولكن، مثل: أقبل الصيفُ واشتد الحرُّ. قرأت الكتاب، لكني لم أَفهمهُ.
الجملة المتضامّة. وهي التي تشمل تعبيرة أساسية وتعبيرةأو تعبيرات تابعة، مثل: إنْ تذاكر تنجح.تجدني حاضرًا إن أقبلتَ فيالمساء.
ويضيف بعض اللغويين أنماطًا أخرى من الجمل،كالجملة الشرطيةوالجملةالوصفية. وكلها يمكن ضمها إلى أي من النمطين الأخيرين المذكورين سابقًا،وبخاصةٍ الجملةُ الشرطية التي تدخل ـ في رأي الثِّقات ـ في النمط الثالث.
وأنماط الجمل الأساسية أو ما تسمىبالجمل النواة، يمكن تحويلها إلى أنماطأخرى، بالزيادة أو النقص في مكوناتها أو بإعادة الترتيب لهذه المكونات. من هذهالتحويلات ما يلي:
تحويل الفعل المبني للمعلوم إلى مبني للمجهول.
فَهِمَ الطالبُ الدرسَ: فُهمَ الدرسُ.
تحويل الجملة المثبتة إلى جملة منفية.
أعرفه جيدًا: لا أعرفه جيدًا.
تحويل الجملة النواة إلى جملة استفهامية،
سواء أكان الاستفهامُ يقتضي الإجابة بـ "لا" أم بـ "نعم"، أم كان للبيانوالاستيضاح: سمعت الخبرَـأسَمِعْتَ الخبرَ؟ أومتى سمعتَالخبرَ؟...إلخ.
وقد يكون التحويل للاستفهام بالتنغيم (دون أداة صرفية) سَمعْتَ؟ (بتنغيمخاص).
تحويلالجملة الخبريةإلىجملة طلبية: قابلتهـقابِلهُ.
تحويلالجملـة النـواةإلىجملــة تعجبيـة: الحديقـة جميلةـما أجمل الحديقة!
وقد يقع التحويل بتغيير مواقع بعض المكونات: فهمتُ ما تقولـفهمتُ ماتقول جيدًا.